الأحد، 7 أبريل 2013

أوجفت مدينة تاريخية،.... الآن حصحص الحق


 
 بقلم الأستاذ محمد الأمين ولد كي
ليس من رأى الشواهد والمعالم التاريخية الأثرية في منطقة أوجفت كمن سمع عنها، وليس من عرف أهل أوجفت كمن أخبر عنهم:
كانت محادثة الركبان تخبرني==0== عن جعفر بن فلاح أطيب الخبر
ثم التقنا فلا والله ما سمعت  ==0== أذني بأطيب مما قد رأى بصري



وعن أهل أوجفت حدث ولا حرج:
فما كان من خير أتوه فإنما ==0== توارثه آباء آبائهم قبل
والحديث عن آثار المرابطين في منطقة آدرار حديث معاد، ولن أؤكد لكم تاريخية هذه المدينة لأنكم لن تصدقوني أخذا بفقه القاضي شريح (من عدم إجازة شهادة الولد لوالده) لكنني سأحيلكم على الجهود الاستكشافية التي قام بها المعهد الموريتاني للبحث العلمي في هذا الصدد، ومنها:
ـ تنظيم زيارة لبعض الآثار التي تنتمي إلى أركولوجيا قديمة بأوجفت ونواحيها، حيث قام وفد من المعهد المذكور بعضوية أ.بوب بن محمد نافع، وبمعية أ.السني عبداوه بمعاينة آثار المرابطين[1] في أوجفت، وكان ذلك سنة 1991م.[2]
ـ إيفاد بعثة في مهمة استطلاعية برئاسة مدير المعهد آنذاك ملاي سعيد بن سداتي، ورئيس قسم الدراسات الإسلامية محمد المصطفى بن الندى، وكان من نتائج هذه الزيارات تسجيل الحقائق التالية:
ـ العثور على نقاط أثرية ملفتة للانتباه يخاف عليها الاندثار
ـ اطلاع البعثة على أنقاض مساجد أوجفت العتيقة، ووقوفها على مقبرة المدينة التي تشتمل على أضرحة لأعلام من لمتونة توفوا في القرن 9 و 10 الهجريين.
ـ الوقوف على قبر الأمير المرابطي يحي بن عمر اللمتوني (ت448هـ) في بلدة وكشضه (36 كم جنوب أوجفت)
ـ الوقوف على وثيقة مكتوبة بلهجة صنهاجية يعود تاريخها إلى القرن 8هـ، وملاحظة انتشار قرى بافور في أماكن متعددة، وقد خلصت البعثة في تقريرها إلى أن مدينة أوجفت أسست في القرن الثامن الهجري[3]، وللإشارة فإن مسوغ انضمام مدينة أوجفت إلى لائحة المدن الأثرية هو اكتشاف آثار تاريخية تعود إلى 4 آلاف سنة خلت[4] بناء على ما جاء في تقارير بعثات المعهد الموريتاني للبحث العلمي التي عرضنا بعضها.
وهكذا ففي أوجفت تتعانق رباعية الآثار والأضرحة والوثائق والمخطوطات، وهذا البعد التاريخي للمدينة الموغل في القدم جعل الكثير من علماء موريتانيا يزورون هذا الصرح العلمي الشامخ ويتعرفون على خصائصه ومميزاته، قال المختار بن بيدح (ت 1957):
ربى جلهتي واد "الأدي" بها نخل==0== كهمك لا حرص لديه ولا بخل
تظلك منه باسقات فروعها       ==0== تجود بأكل ما تجود به النخل



وقد تناولت عدة مصادر ومراجع تاريخ مدينة أوجفت والأدوار الريادية الكبرى لأعلامها، ونذكر منها خصوصا:
ـ كتاب حياة موريتانيا (الجزء الثقافي) للمؤرخ المختار بن حامد، ص 228 ـ 229.
ـ الوسيط في تراجم أدباء شنقيط لأحمد بن الأمين، ص 429 ـ 433.
ـ علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي للطالب اخيار بن مامين، ص 219 ـ 317
ـ المجتمع البيضاني في القرن 19م، د.محمدو بن محمدن، ص 365
ـ القول الفسيح في النسب والتاريخ الصحيح للمؤرخ محمد محمود بن الحسن الشمسدي الأوجفتي، وقد خصصه لتاريخ مدينة أوجفت والتعريف بأعلامها.
وقد أنصف د. أحمد بن حبيب الله حين قال (والتاريخ قد يميط اللثام وينفض الغبار عن مدينة كانت عريقة وانحسرت عنها الأضواء فأهملها المؤرخون وظلموها كحال مدينتي أوجفت وأطار اللتين كانتا مراكز إشعاع ثقافي وعلمي زاهر وما زالتا).[5]
والذي يجهله الكثيرون أن أغلب آثار المرابطين في موريتانيا تتركز أساسا في المجال الجغرافي لمدينتي أطار وأوجفت دون غيرهما، وإذا تم الاعتراف بأوجفت مدينة تاريخية جاز لنا أن نتساءل: وماذا بعد؟ ألا تستحق هذه المدينة "التاريخية" أن تفك عنها العزلة وتنقذ الآثار العالمية الموجودة بها، وأن يتعرف الجميع على التراث الضخم الذي تحتضنه؟ وكيف ستتعامل المؤسسة الوطنية لحماية المدن القديمة معها، وكذا اليونسكو؟، وهل ستستفيد مما تستفيد منه باقي مدن وطننا الحبيب ؟
هذه أسئلة نطرحها الآن متمنين أن لا يكون الجواب:
لقد أسمعت لو ناديت حيا==0== ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نارا نفخت بها أضاءت==0== ولكن أنت تنفخ في الرماد



وخلاصة القول: إن تاريخنا أعظم تاريخ، لكننا أمة تجهل تاريخها، ونقول للوزارة الوصية "أن تعترفي متأخرة خير من أن لا تعترفي أصلا":
ليس من أخطأ الصواب بمخط==0== إن يؤب لا ولا عليه ملامه
إنما المخطئ المسيء الذي إن==0== ظهر الحق لج يحمي كلامه





[1] بخصوص آثار أوجفت راجع: قرار متحف المعهد المورياتاني للبحث العلمي رقم0013 أكتوبر 1991 م.
[2] عيشة بنت محمد لمخيطير، دراسة تاريخية لمدينة آزوكي، مذكرة تخرج، كلية الآداب، جامعة نواكشوط.
[3] محمد المصطفى بن الندى، مقال (حصيلة رحلة استطلاعية إلى منطقة أوجفت بولاية آدرار)، مجلة الوسيط، المعهد الموريتاني للبحث العلمي، عدد4\1993، ص89ـ90 مع ملحقات بصور الآثار والأضرحة.
[4] خديجة بنت علي، (السياحة الثقافية في آدرار)، جامعة نواكشوط 07\2008، ص14
[5] أحمد بن حبيب الله، التاريخ الثقافي لآدرار، أوجفت وأطار نموذجا، بحث قدم إلى الملتقى الثقافي التنموي المنعقد بأوجفت أبريل 2002م، ص6.

0 التعليقات:


المنشورات هنا لا تعبر بالضرورة عن رأي مدونة مقاطعة أوجفت