ابن دراج القسطلي الأندلسي:
| أوجفت خيلي في الهوى وركابي | وقذفت نبلي بالصبا وحرابي |
| وسللت في سبل الغواية صارما | عضبا ترقرق فيه ماء شبابي |
| حتى افتتحت عن الأحبة معقلا | وعر المسالك مبهم الأبواب |
| ووقفت موقف عاشق حلت له | فيه غنيمة كاعب وكعاب |
| بحدائق الحدق التي لاقينني | بأحد من سيفي ومن نشابي |
| في تربة جاد النعيم رياضها | فتفتحت بنواعم أتراب |
| من كل مغنوم لقلبي غانم | عشقا ومسبي لعقلي ساب |
| في جنح ليل كالغراب أطارلي | عن ملتقى الأحباب كل غراب |
| وجلا لعيني كل بدر طالع | قمن بهتك حجابه وحجابي |
| جاب الظلام فلم يدع من دجنه | إلا غدائر شعره المنجاب |
| ففنيت بين ضيائه وظلامه | مغرى الجفون بطرفه المغرى بي |
| فإذا كتبت بناظري في قلبه | أخفى فخط بناظريه جوابي |
| وإذا سقاني من عقار جفونه | أبقى علي فشجها برضاب |
| وسلافة الأعناب تشعل نارها | تهدى إلى بيانع العناب |
| كل يشاركه ماوراء جوانحي | للشوق من ضرم ومن إلهاب |
| حتى افتتحت عن الأحبة معقلا | وعر المالك مبهم الأبواب |
| ووقفت موقف عاشق حلت له | فيه غنيمة كاعب وكعاب |
| بحدائق الدق التي لاقينني | وبأحد من سيفي ومن نشابي |
| في تربة جاد النعيم رياضها | فتفتحت بنواعم أتراب |
| من كل مغنوم لقلبي غانم | عشقا ومسبي لعقلي ساب |
| في جنح ليل كالغراب أطارلي | عن ملتقى الأحباب كل غراب |
| وجلا لعيني كل بدر طالع | قمن بهتك حجابه وحجابي |
| جاب الظلام فلم يدع من دجنه | إلا غدائر شعره المنجاب |
| بين ضيائه وظلامه | مغرى الجفون بطرفه المغرى بي |
| فإذا كتبت بناظري في قلبه | أخفى فخط بناظريه جوابي |
| وإذا سقاني من عقار جفونه | أبقى علي فشجها برضاب |
| وسلافة الاعناب تشعل نارها | تهدي إلى بيانع العناب |
| فسكرت والأيام تسلب جدتي | والدهر ينسج لي ثياب سلابي |
| سكرين من خمرين كان خمارها | فقد الشباب وفرقة الأحباب |
| لمدى تناهى في الغواية فانتهى | فينا إلى أمد له وكتاب |
| وهوى تقاصر بالمنى فأطال بي | هما إلى قلبي سرى فسرى بي |
| في جاهلية فتنة عبدت بها | دون الإله مضلة الأرباب |
| بتستقسم الأزلام في مهجاتنا | وتسيل أنفسنا على الأنصاب |
| غيرا من الأيام أصبح ماؤها | غورا وأعقب صفوها بعقاب |
| وبوارقا للغي أضرم نورها | نارا وصاب غمامها بالصاب |
| فلها فقدت النفس إلا قدر ما | أشجى به لحلول كل مصاب |
| وبها رزيت الأهل إلا لابسا | بؤسا يزيد به أليم عذابي |
| وبها رفعت حجاب ستري عن مها | تركت شبا قلبي بغير حجاب |
| وجلوت في خطب الجلاء عقائلا | قصرت عنها همة الخطاب |
| سرب المقاصر والملاعب صنته | فأطرتهن مع القطا الأسراب |
| ذعرت بحس الإنس تحت حجالها | واستأنست بضراغم وذئاب |
| ونزت بهن عن الأرائك روعة | مهدت لهن حزون كل يباب |
| فطوين آفاق البلاد لطية | تأبى لها الأيام يوم إباب |
| وإليك يا منصور حط رحالها | دأب السرى واليعملات ودابي |
| وبحور هم كم وكم داويتها | ببحور يم أو بحور سراب |
| وشباب ليل طالما بلغته | تخطيط شيب أو نصول خضاب |
| فوصلت يا منصور منا غربة | مقطوعة الأنساب والأسباب |
| ووقيتني ريب الخطوب بمنة | جلت اليقين لظني المرتاب |
| وشملتني بشمائل ذكرنني | في طيبها طوبى وحسن مآب |
| وأقمت لي سوق المكارم مغليا | بجواهر الإبداع والإغراب |
| ورضاك رد لي الرضا في أوجه | من خزر أيام علي غضاب |
| وهداك أشرق لي وليلي مظلم | وسناك أبرق لي وزندي كاب |
| وجداك داواني ودائي معضل | وذراك أواني ورحلي ناب |
| فحللت منه خير دار مقامة | وثويت منه في أعز جناب |
| وأسمت في أزكى البقاع صوافني | وضربت في أعلى اليفاع قبابي |
| وشويت للأضياف لحم ركائبي | في نار أحلاسي وفي أقتابي |
| عوضا من الوطن الذي أصبحت من | أسلابه إذ كان من أسلابي |
| ولقد جبرت برغم دهر ضامني | ما أخلقت عصراه من أثوابي |
| خلعا رفعت بفخرها وسنائها | ما ضاع من قدري ومن آدابي |
| كل ينادي في البرية معلنا | هذي مواهب منذر الوهاب |
| فلأهدين من طيب ذكرك في الورى | وقر الركاب وذخرة الركاب |
| ولأكتبن منها على صحف العلا | غرر الكتاب وغرة الكتاب |
| ولأجلون منها لأبصار النهى | حر الخطاب وحرة الخطاب |
| ولأجعلن ثناءها وجزاءها | أبد الأبيد وعاقب الأعقاب |
| ولأتركن خلودها ونشيدها | دين العصور وملة الأحقاب |
| حتى يعود الدهر بدع شريعة | بعلاك والأيام أهل كتاب |
| وتراك بعدك أمة لم تلقها | عين اليقين وجهرة الألباب |
| حتى يروا كرات خيلك في الوغى | لوحى طعان أو وحي ضراب |
| ويروا سيوفك في الجماجم والطلى | وسنا بينك في العجاج الهابي |
| إلى الأقران منك منازلا | إقدام ليث وانقضاض عقاب |
| ويروك حزب الله حزبك والعدى | بسيوفه مفلولة الأحزاب |
| هذا وكم أعززت في دين الهدى | من منبر وحميت من محراب |
| ومعاد عيد عدت في إغبابه | بمكارم كرمت عن الإغباب |
| فكسوت فيه الأرض سابغ حلة | نسجت بأسد شرى ومأشب غاب |
| وسوابق رد الجهاد جيادها | قب البطون لواحق الأقراب |
| ولوامع أشرعتهن فأشرقت | إشراق ملكك في سنا الأحساب |
| وخوافق حفت بوجهك فاحتذت | شمس النهار تجللت بسحاب |
| حتى انتهيت إلى المصلى لابسا | عز المليك ورقة الأواب |
| في منظر عجب وأعجب شأنه | ما ذم من كبر ومن إعجاب |
| وهدى واتقى | وزكا فكنت له أجل ثواب |
| فالله يرزقنا بقاءك سالما | رزقا نوفاه بغير حساب |
| وانصر ومن والاك حلف كرامه | واقهر ومن عاداك رهن تبابب |
هو أبو عمر أحمد بن محمد بن العاصي بن أحمد بن سليمان بن عيسى بن دراج القسطلي الأندلسي (347 هـ - 421 هـ / 958 - 1030 م) شاعر كاتب من أهل (قسطلّة درّاج) قرية غرب الأندلس، منسوبة إلى جده. كان شاعر المنصور أبي عامر، وكاتب الإنشاء في أيامه.






0 التعليقات:
إرسال تعليق